القابس اللعين

انتصارات صغيرة ولكنها تفتح بابا من السعادة والثقة في النفس.

أمتلك في بيتنا غرفة صغيرة بمكتب والدي والذي كان يتخذه مقرا لعمله في المحاماة. قام والدي بافتتاح ذلك المكتب منذ مايقرب من 27 عاما وهي التمام والكمال عمري الحالي!

بين أروقة ذلك المكتب سهرت الليالي بين دفات الكتب ولهيب الحر في بؤونة وتكتكة عضلات جسمي من الصقيع الشديد يصاحبني في ذلك مذياعي القديم يبث القرآن الكريم فيملأ صداه أرجاء الغرفة وأكون أنا في حالة خشوع وأناة.

كبرت وكبر معي كل شىء, وصرت أتذكر كل دقيقة مرت على وأنا في تلك المرحلة المضغوطة جدا من حياتي. فبينما أنا في اجازتي بعد فترة طويلة في العمل. أقوم بإعداد مكتبي القديم ووضع جهاز الحاسوب وشاشتي الكبيرة وجهاز الايباد خاصتي وإعداد كل شىء من أجل جلسة مذاكرة جديدة.

اليوم وفقط. رفض القابس أن يعمل وأنا في أشد الحاجة لتشغيل جهاز الحاسوب لدفع مبلغ من المال على موقع المعادلة الامريكية USMLE وبعد حوالي ساعة من المحاولات لتشغيل الجهاز إلا أن القابس رفض العمل بتاتا. ااااااه ياله من صباح بائس اخر ..

ماذا أفعل؟

هل أقوم بتكسير الحاسوب؟

هل أتناول 60 قرصا من عقار الباي الكوفان الخاص بوالدي وانتقل إلى رحمة الله تعالى. أم سيقولون أن محمد قد جن جنونه وانتحر لأن القابس لم يعمل!

لم أدري ماذا أفعل وكدت أن أطير مسافة خمسة أمتار لأرتطم بالحائط الخرساني جراء صعقة كهربائية مباغتة من هذا القابس اللعين.

أنا اساسا لا أعلم لماذا يدعى بالقابس! إذا كنت تعلم رجاء أخبرني.

هذا ما آلت إليه نفسي. أن أقوم بتغيير القابس بأكمله بما يحتويه من “لجمات” على رأي والدي وهي كلمة عامية مصرية جدا. ذهبت الى محل الكهرباء لاشتري قابسا جديدا ولكني صدمت بطفل صغير قد تركه والده في المحل ليقوم هو بدوره!

بعد برهة ليست بالقصيرة من الشرح للطفل استطعت اخيرا ان احصل على القابس الجديد ولكني فوجئت بوالدي وهو من النوع الي يخاف كثيرا من الكهرباء ومن سيرتها. نصحني بالابتعاد عن سلك الكهرباء العريان ولكني كنت قد انزلت كافة سكاكين الكهرباء.

الحمد لله قمت بتركيب القابس الجديد وأنا في غاية السعادة لأن هذه كانت اول مرة اقوم بتغيير قابس أثري عمره 27 عاما وقمت بتشغيل الـ Setup الخاص بي ولاحول ولا قوة الا بالله.

غدا سأحكي لكم قصة انقطاع كابل الانترنت الرئيسي في بلدتي واستدعاء الشرطة ومكالمات أبي المتتالية والتي وصلت الى المحافظ نفسه وشبه المعركة التي دارت بيننا وبين سائق الكراكة الأرعن … to be continued